مسيرة في نواكشوط تطالب بإنصاف شريحة لحراطين

مسيرة في نواكشوط تطالب بإنصاف شريحة لحراطين (الجزيرة نت)

أحمد الأمين-  نواكشوط

نظمت مجموعة من الحقوقيين والسياسيين الناشطين في مجال الدفاع عن شريحة لحراطين (الأرقاء السابقين) في موريتانيا مساء الثلاثاء في نواكشوط مسيرة للمطالبة بإنصاف هذه الشريحة، وسط حضور ملحوظ من قادة أحزاب المعارضة، وغياب أحزاب ظلت مكافحة الاسترقاق أحد ثوابت نضال قادتها لعقود عديدة.

ورفع المشاركون في المسيرة شعارات تدعو للقضاء على ما سموه « تهميش وإقصاء شريحة لحراطين »، وتطالب بحصولها على حقوقها في التعليم وشغل الوظائف القيادية في الدولة وأجهزتها السيادية، مطالبين باعتماد سياسة تمكن الأرقاء السابقين من تجاوز « واقع الفقر والأمية ».

وأكد منظمو المسيرة -التي قاطعها بعض أبرز القادة التاريخيين لشريحة لحراطين- أن تجاوز هذا الواقع لن يتأتى « إلا في إطار مجهود شامل على درب المساواة والإنصاف المنطقي ووضع حد للإفلات من العقاب »،

مبرزين أن ذلك يتطلب جهدا جماعيا تشارك فيه الحكومة والمجتمع وقادة الرأي.

 واعتبر منسق « ميثاق الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين » محمد سعيد ولد همدي في كلمة بالمسيرة أن الميثاق شكل نقلة نوعية في تاريخ العمل على إنصاف هذه الشريحة، وقدم رؤية متكاملة للتعاطي مع هذا الملف الحقوقي بروح تبتعد عن رد الفعل غير المعقلن والتشنج وروح الانتقام.

 

حدث تاريخي

من جانبه اعتبر رئيس حزب المستقبل المعارض أحد القادة البارزين لشريحة لحراطين محمد ولد بربص أن المسيرة « حدث تاريخي تلاقت فيه جهود وإرادات خيرة من أجل قضية وطنية تهم الجميع ».

وقال ولد بربص في حديث للجزيرة نت إن « المسيرة تسعى إلى أن تتكاتف جهود الشعب الموريتاني بكل مكوناته وشرائحه من أجل أن يلبوا مطالب لحراطين لينالوا حقوقهم ويصلوا بنا جميعا إلى وحدة وطنية من خلال عمل يبني ولا يهدم ويجمع ولا يفرق ».

واعتبر أن « الحضور المكثف والمتنوع يشجع لكنه لا يكفي، بل لا بد أن ينبذ الجميع الاسترقاق والإقصاء والتهميش والغبن، ولا بد من تفعيل وتكميل البنية القانونية المجرمة للاسترقاق وتنفيذ مقتضياتها، ولا بد أن تواجه الدولة هذه الممارسات البغيضة بكل صرامة، وأن تضمن تساوي الفرص بين جميع مواطنيها، وتمكن شريحة لحراطين من الحصول على التعليم وفرص العمل، وشغل المناصب القيادية في الحكومة ».

وقد رفض حزب التحالف الشعبي التقدمي بزعامة مسعود ولد بلخير المشاركة فيها رغم رمزية قائده في هذه الشريحة ونضاله الطويل من أجلها.

وبرر الأمين التنفيذي المكلف بالإعلام والثقافة بالحزب محمد الأمين ولد الناتي قرار الحزب بعدم التنسيق معه في تنظيم المسيرة والإعداد لها فضلا عن تحفظه على ما سماه « فئوية المطالب ».

وقال ولد الناتي في حديث للجزيرة نت إن « موقف الحزب من نضال هذه الشريحة وغيرها من الشرائح المهمشة معروف، لكننا نرى أن جميع شرائح المجتمع الموريتاني تعاني من الظلم والاضطهاد والغبن، ونعتقد أن تجاوز هذا الواقع يجب أن يكون ذا طابع عام جمعي وغير تمييزي، ومن ثم فإن أي مسعى يصب في خانة فئة أو شريحة دون أخرى لا يخدم الوحدة الوطنية ».

جهود حكومية

الحكومة التي رخصت للمسيرة ترى أن هذه الشريحة حظيت باهتمام كبير في السياسات العامة في السنوات الأخيرة، وأن الدولة اتخذت الكثير من الإجراءات لصالحها، وعملت على محاربة الاسترقاق والقضاء على آثاره.

وفي هذا الصدد، يقول يعقوب ولد القاسم مستشار المدير العام لوكالة التضامن المكلفة بمعالجة آثار الاسترقاق (هيئة حكومية) إن الإجراءات أخذت ثلاثة مسارات: قانوني، وتربوي، واقتصادي اجتماعي.

وقال ولد القاسم في حديث للجزيرة نت إنه « على المستوى القانوني صدرت نصوص عديدة تجرم الاسترقاق، ونص الدستور على اعتباره جريمة ضد الإنسانية، كما أنشئت محكمة خاصة بجرائم الاسترقاق، كما اعتبرت وكالة التضامن لمحاربة الرق طرفا مدنيا في جرائم الاسترقاق، هذا فضلا عن إلزام ممارسي الرق بالتعويض للأرقاء ».

وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي أعطيت الأولوية في بناء المدارس لمناطق تواجد الأرقاء السابقين (آدوابه) واعتمدت منهجية التمييز الإيجابي في المشاريع الاقتصادية بالمناطق التي يوجد بها عدد كبير من هؤلاء كما هو الحال في مثلث الأمل، وقد شرعت الوكالة في تنفيذ مشاريع اقتصادية مهمة ستوفر فرص العمل وتخلق نشاطات اقتصادية في محيط آدوابة، وسيتضاعف هذا المجهود من خلال تمويل مشاريع مدرة للدخل في نفس المناطق ».

المصدر : الجزيرة