الاستعمار الفرنسي، فرصة للموريتانيين

الاستعمار الفرنسي، فرصة للموريتانيين

الاستعمار الفرنسي، فرصة للموريتانيين

يتمتع في أوقاتنا الحاضرة،أصحاب الإصلاحات الموحدة للغة، ما بعد 1978 ، للتعليم وأتباعهم، تحت شعار العروبة، التعريب وحتى الإسلام،« باحتكار للفكر »، علي الأصعدة الإعلامية و السياسية،  لفرض تحمل الناطقين الموريتانيين بالفرنسية أو المتفرنسين منهم وكذلك المستعمر القديم فرنسا ، مسؤولية كل اختلال عرفته البلاد.

ويعد هذا الخطأ الفكري خطيرا جدا، لكونه يخلق حواجز محبطة بين مختلف المواطنين، وبالتالي لا يخدم موريتانيا بأي حال من الأحوال.

فنسمع يوميا هذه الأفكار الجديدة التي تجتاز شاشات التلفزيون، وتلوث صفحات الجرائد وميكروفونات الإذاعات، تدعي : إن رواد استقلالنا هم موظفون يخضعون لأوامر فرنسا، بان أحفاد المترجمين، المقاتلين والإداريين القدامى لم يخدموا البلاد،  وجوب حظر استخدام اللغة الفرنسية في التعليم …الخ،  لدرجة أن صحفيين بارزين من أمثال أحمد منصور، من قناة الجزيرة الشهيرة، وصل إلي أن استخلص خلال زيارته الأخيرة لنواكشوط أن  » فرنسا هي من تحدد من يحكم موريتانيا في الماضي وفي المستقبل ».

http://tawassoul.net/ar/الأخبار-الوطنية/عربية-و-دولية/item/23506-الإخواني-منصور-فرنسا-هي-من-تحدد-من-يحكم-موريتانيا-في-الماضي-وفي-المستقبل

الاستعمار من أجل  الاستعمار

في شتي أنحاء العالم وعلى مر الزمن، حدثت، لأغراض توسعية و / أو تجارية غزوات وفتوحات، لم تنجو  منها بلدان الساحل الأفريقي حيث توجد موريتانيا.

الغزو العربي

كان بنو حسان، المنحدرين من بني مكطيل، الذين هاجروا من مصر إلى المغرب في القرن الثالث عشر مجتمعا بدويا. فقدموا إلي الأراضي الموجودة حاليا في  الصحراء الغربية وفي موريتانيا في القرن الرابع عشر، وسرعان ما أفرضوا هيمنتهم وسيطرتهم علي سكان تلك المناطق من بربر صنهاج (موسوعة ويكيبيديا

وقد تمكن بنو حسان الذين فضلوا البقاء علي العودة إلي مواطنهم السابقة أن يفرضوا ثقافتهم ولغتهم الأصلية علي السكان المحليين، الذين بدءوا في إحسان العربية إلى حد كبير في أوائل القرن الخامس عشر.

الغزو الفرنسي

وبدأ بعد ذلك، في القرن التاسع عشر، عهد الاستعمار. وانتهز آنذاك الفرنسيون، المتمركزين في السنغال، الصراعات بين الإمارات، لفرض سلطتهم و بالتالي بتحقيق وحدة الإمبراطورية الفرنسية بين الجزائر وإفريقيا الغربية الفرنسية.

كما كان النضال من أجل حيازة المغرب المجاور، قضية مهمة تنضاف إلى الرغبة في تهدئة ضفة السنغال، المتعرضة  لغارات من مجموعة البيظان.  واستطاع الجيش الاستعماري الفرنسي ان يحتل موريتانيا منذ 1902 حتي 1934.

فتميزت آنذاك بوصفها كيان في مجموعة  إفريقيا الغربية الفرنسية. (ويكيبيديا

كما تمكن المستوطنون الفرنسيون الذين مكثوا ستين سنة فقط  من فرض ثقافتهم ولغتهم علي السكان المستعمرين.

ففي كلتا الحالتين، يمثل الغزو بالقوة وسيلة لهيمنة ثقافة المستعمر ومبررا لمهمة حضارية.

لماذا نقبل أذا قبضة العرب في القرن الرابع عشر  ونرفض وطأة الفرنسيين في القرن التاسع عشر ؟

قليل من الماء في « ازريك

لا بد هنا من رفع اللبس بين اللغة العربية والقرآن من جهة وبين العروبة والإسلام من جهة أخري.

إن وضع « لغة القرآن الكريم » لا يعطي « أولوية » اللغة العربية على اللغات الأخرى، لأن الله « يبعث رسله حسب لغة الشعوب المستهدفة

اللغة العبرية هي لغة  التوراة واليونانية واللاتينية، لغة الأناجيل… الخ.

» الم  اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ  مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ « (آل عمران – ألآية 3)

 

كما أن رمز « العروبة » لا يمكن حامليه من صفة خصوصية. فالقرآن الذي أوحي علي النبي صلي عليه وسلم يقول « َومَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

و جاء في الآية « قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ».

وجاء في الحديث الشريف:  » يا أيها الناس ! إن ربكم واحد و إن أباكم واحد ، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي و لا أحمر على أسود و لا أسود على أحمر إلا بالتقوى *( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )* ، ألا هل بلغت ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ! قال :فيبلغ الشاهد الغائب )

وهذا، خاصة وأن أهم الدول الإسلامية في العالم ليست عرب ولها لغتها الخاصة: إندونيسيا، إيران، باكستان، تركيا وغيرها ..

وفضلا علي ذلك، ما الذي أنجزته الدول العربية لموريتانيا العربية أكثر من فرنسا الأوروبية ؟

هؤلاء العرب، الذين يهدرون مليارات الدولارات لبناء أبراج زجاجية في الوقت الذي يستقبل فيه بإنسانية  الفرنسيون والألمان وغيرهم من الأوروبيين، اللاجئين والمهاجرين العراقيين، و السوريين الذين طردوا من أراضيهم.

هؤلاء العرب الذين يتقاتلون بينهم  في الوقت الذي يطلق الإسرائيليين يوميا بوابل من الرصاص ومن مسافة قريبة علي المراهقين الفلسطينيين، بسبب حمل سكين بسيطة لقطع الخبز، على مرأى ومسمع من العالم كله.

تثمين العربية

وعليه، فان اللغة العربية هي لغتنا الوطنية. لغة الغالبية العظمى للشعب. فكل موريتاني، أي كان عمره، جنسه، عرقه وكل أجنبي يقيم في موريتانيا مطالب بتعلمها من أجل المصلحة الشخصية للاتصال. كما ان الموريتانيون القاطنون في روسيا او اسبانيا مطالبون تماما بتعلم الروسية والاسبانية.

فليعلم المدافعون بإفراط عن العروبة بين ظهرانينا، أن لا سلطة لهم، لا قلبية ولا منطقية في أي اختيار بدل الموريتانيين أنفسهم.

فمن الأجدر لهم أن يسعوا إلي تشجيع كل ما من شأنه أن يرفع لغتنا العربية الجميلة، إلي المكانة ألائقة و المناسبة لها في مجتمع اللغات العالمية.

فبدل انفتاحها علي هذه الأخيرة، يسعي العقائديون الموريتانيون الجدد في حصرها في مضيق من الشوفينية  المضرة.

فما هو مدى البث التلفزيوني لنقاشات ومناظرات البرلمانيين حول القضايا الوطنية، إذا كان نقلها عبر وسائل إعلام عامة  تعمل بفضل الجباية  التي تثقل كاهل المواطن، يصل إلي أقل من نصف الشعب الموريتاني؟

عددوا بأنفسكم :

– الناطقون بالحسانية الأميون الكثيرون الذين لا يفهمون العربية الفصحى،

–  الموريتانيون غير الناطقين بالحسانية،

–   مختلف أنواع ألأعراق المختلطة التي تمثل صلبنا الاجتماعي: موريتانيون – موريتانيون(بولار/بيظان و احراطين و أولوف و سونيكي)، موريتانية-افريقي  (سينغالي- مالي – ايفواري -موريتانية)، فرنسي-موريتانية و موريتاني – فرنسية، كندية، أمريكية ..الخ

– ناهيك عن الفرنسيين والأمريكيين والكنديين من أصل موريتاني و أحفادهم،

– المهجر

فبالأجدر أن تصاحب تلك النقاشات السياسية والثقافية والاقتصادية المتعلقة بالقضايا الوطنية ترجمة فورية باللغة الفرنسية (مكتوبة على الشاشة أو مسموعة الصوت)، في انتظار نسخ اللغات الوطنية: البولار، السونينكي، الولوف وأخرى محل وفاق.

هذا إذا ما علمنا، أنه غير بعيد منا، أن بث البرامج والنقاشات و الحلقات يتم بلغة « ازريكا » (خليط يتكون من ثلاث كلمات فرنسية لكلمة عربية) في وسائل الإعلام  التونسية والمغربية والجزائرية ذات الثقافة العربية، دون أن يكون ذلك مصدر أي تعقيد.

فكيف بنا ونحن 2 أو 3 مليون عربي مسلم موريتاني أن نكون (ملكيا أكثر من الملك) أي أكثر عروبة من 360 مليون من العرب في شتي أنحاء العالم و من 1.7 مليار من المسلمين علي الأرض. فل نحاسب أنفسنا.

فلولا تهدئة فرنسا للأوضاع في بلادنا بداية القرن الماضي ، لما كنا ما نحن عليه اليوم: دولة مستقلة، نعيش فيها في سلام.

فل ندعو الله أن يجنبنا ما يحدث في البلدان العربية الأخرى، علي أيدي أبنائها و أطرها الانفصاليين و حتى المتشددين

اعل سالم ولد خيار.

مترجم من  مقال بالفرنسية

adrar-info.net