رغم ما أكن للأخ محمد فال ولد سيد ميله من احترام و ما أعرف فيه من صدق و اخلاص و رغم تضحياته الجسام فى نصرة المطحونين .. إلا أن مقاله الأخير : » النظام و البيظان و إيرا « , قد جانب قيم الود ليس فقط فى محتواه , الذى يمثل رأى البيظان و النظام (التوأمين) من إيرا , بل أيضا فى توقيت نشره حيث توجد الحركة فى مرمى النظام /البيظان! فهل أراد الأخ التكفير عن ماضيه النضالى و تجميل صورته أمام قومه ؟ يبدو أن الأخ إلتحق بصف اولئك الذين يرغبون فى تقزيم نضال الإنعتاقيين بربطها بشخص الرئيس بيرام , الذى لا يمارى أحد فى أنه رمز هذا النضال بلا منازع لكن ايرا منظمة ( أو مشروع منظمة ) لها هياكلها و منظريها الذين كان الأخ محمد فال أحد أبرزهم ..
إن إيرا ليست فوق النقد , لكنها رغم تعبيرها عن آلام و آمال كل المظلومين , فلا يمكن ان تتهم بممارسة العنف و لا بالإنحياز .. فمنذ سنة و نصف من الآن و هى تحتل الشارع الموريتاني و تتعرض للقمع و التنكيل و لم تسجل حالة عنف واحدة! و فى ألاك عندما تعرى النظام و ظهرت هشاشة أمنه و عدم جدية أنصاره و بقي رئيس الدولة و حيدا فى الشارع يحيط به شباب إيرا من كل الجهات …فتبين للجميع أن الحركة سلمية إلى أبعد الحدود… و فى روصو يوم النطق بالحكم الجائر ضد قيادة إيرا كان يمكن – لو كانت الحركة عنيفة – أن تحدث كارثة …لكن لجنة سلام إيرا هى من تولى حفظ النظام و حماية القضاة و الشرطة من المندسين ! و لعل فكرة إنشاء « لجنة السلام » هي خير مثال على حرص إيرا على سلمية نضالها و عدم الرد على الظلم بالظلم حتي في القول على الرغم من قوله تعالى « …..لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم و كان الله سميع عليم » صدق الله عظيم صورة النساء ..
أجد إذا أنه من حق التاريخ على أن أسطر بعض الملاحظات السريعة على ما كتبه الأخ محمد فال لإنارة الرأى العام حول موقفنا من هذه الإتهامات ! إن نضال إيرا كما يدل على ذلك عنوانه « انبعاث الحركة الإنعتاقية » له ثلاث مقاصد رئيسية تترتب حسب أولويات النضال كالتالي :
أولا : محاربة العبودية كممارسة : الكشف عن حالات استعباد من النمط التقليدي المشين و الضغط على الدولة من أجل تحرير الضحايا و معاقبة الضالعين و الأمثلة على هذا بالعشرات و يعرفها الأخ محمد فال أكثر من غيره .. ولكن فى النهاية نكون نحن الضحية فيزج بنا فى السجون و تقطع أرزاقنا .. فمن الفاعل ؟ و لمصلحة من ؟ ثم إن هذا النوع من الإستعباد لا يوجد إلا فى مجتمع البيظان. و هذه الحماية من العقاب لا تتوفر إلا لمجتمع البيظان! و أتحدى أي كان أن يخرج لي حالة واحدة من هذا النوع من الإستعباد فى أسرة صونوكية أو بولارية أو وولفية.. قد يقول لي قائل إن ما يوجد عند هؤلاء أبشع ..فالعبد و السيد لا يدفنان معا و لا يصليان معا و لا .. ليس هنالك أبشع من سلب الحرية و الإغتصاب و المنع من التمدرس و تحطيم الكرامة الإنسانية و هذا ما يعانيه عبيد البيظان فى الدنيا قبل المقابر و خارج المساجد و داخلها .
ثم إننا أخي الكريم لم نستطع خلال مسيرتنا النضالية التمييز بين الدولة و بين مجتمع البيظان .. فالبيظان فى النظام و فى المعارضة يتفقون على عدم محاربة الإستعباد بجدية و على حماية المجرمين من العقاب. و إلا فلماذا يكون هنالك رباط لمناصرة الفلسطينين و آخر لمناصرة الشعب الصحراوي وثالث للأخوة مع الشعب الأزوادي و لا توجد جمعية واحدة لمحاربة الإستعباد و محاربة الغبن الممنهج في حق لحراطين؟!
ثانيا : محاربة التمييز و الإقصاء و الغبن: و هنا الفاعل هو الدولة و المستفيد هو مجتمع البيظان و الضحايا هم أولا أولاد لحراطين و ثانيا الزنوج . فالمنطق يفرض وحدة بين الضحايا…لكن تلك الوحدة لا توجد فى الواقع لأن أثقالا أخرى تقف دونها, فالزنوج فى قيادة إيرا يعدون على رؤوس أصابع يد واحدة على عكس ما يروج له البعض لأسباب يدركها الغبي ! فمن المستفيد؟ و من يقف وراء « البعض »؟و لماذا؟
إن هذا البعد النضالي هو سبب ممارستنا للسياسةالتي يتسائل عنها البعض لأن ما يوجه لنا من ضربات تلبس ثوب السياسة و يستفيد منها مجتمع البيظان! فمن يحمي ملاك العبيد؟ إنه هو الدولة و من يقيد الحريات ؟ إنه الدولة و من يرسل البعثات لترويج الأكاذيب و تضليل الرأي العام الدولي ؟ إنه الدولة الموريتانية و من يرفض محاسبة الضالعين فى أحداث 89-91 و يريد أن يحمد بما لم و لن يفعل و يروج بأن ذلك الملف قد طوي ؟ إنها الدولة و من يستفيد من كل هذا ؟ إنهم البيظان فى النظام و فى المعارضة .. و فعلا فإن ثمت إستثناءات هي ما يثبت القاعدة و هنا أحيي الأخ احمد ولد الوديعة الذي برهن من خلال برنامجه » فى الصميم » إستثناء بل نشازا فى حقل الإعلام المنحاز !!
ثالثا : محاربة الوضع القائم على التراتبية و الفئوية وكل « إية »: و هذا جزء كبير من المشروع الإنعتاقي و هنا يمكن أن نتحدث عن تشابه أو تساوي بين مجتمع الصونيكي و بين مجتمع البيظان بل يمكن الحديث عن أبشع أنواع التمييز و التراتبية (الظاهرة) فى المجتمع الصونينكي ثم البيظاني ثم البولاري و أخيرا الولفي, و الأخ محمد فال يعرف موقفنا من ذلك !
على الرغم من كل ما تقدم اذكر الأخ محمد فال بأن إيرا تبنت جماعة « عبيد صونينكي » بقيادة يعقوب باقايوقو, و قد تدخلت فى مشكل العبودية العقارية فى جاكيلي بين العبيد و الأسياد و أرسلت وفدا بقيادة الأخ بالا توري و كانت الدولة تقف إلى جانب الأسياد فى ظلمهم للعبيد لكن تدخل إيرا كان حاسما .(العبيد في مجتمع الصونيكي طبقة و ليست ممارسة كما هو الحال في مجتمع البيظان )
يقول الأخ محمد فال فى مقاله أن « سرمدية النضال ضد العبودية داخل عرق واحد من مكونات الشعب الموريتاني شكلت لإيرا إحراجا لم تزل تتخبط فى و حل العجز عن تبريره »
القارئ البسيط لهذه الفقرة يدرك و جها آخر للأخ الكاتب كنا نجهله تماما و إن كنا ندرك مصدره الإديولوجي الذي لا يفتأ يردد القول بأن خطابنا يدعوا للكراهية .. و لم نسمعهم مرة واحدة يصفون تعامل الدولة معنا و مع ملف الإسترقاق بأنه يحمل على الكراهية بين مكونات المجتمع ! ثم أن الأخ يتحدث عن شرائح المجتمع و كأنها متساوية فى الإجرام و فى القدرات و فى الوسائل .أما نحن أخى محمد فال فلا نناضل ضد التاريخ و لا نريد نبش الماضي لذاته بل أن هدفنا هو محاربة العبودية كواقع معيش لا كظاهرة مترسبة لدي كل الشرائح و إن إختلف التعبير عن تلك الرواسب بإختلاف المستويات الثقافية لكل مجتمع فعن أي عجز تتحدث أخي الغالي إذا ؟ ربما أنت من عجز عن فهم أن أبناء العبيد يرون بأعينهم من كان بالأمس القريب يغصب أمهاتهم و جداتهم , يتمتع بكل الإمتيازات دون أي جهد بذله لذلك .. كما يرون أبناءهم يحرمون من المنح و من فرص العمل و من الرتب في الجيش لا لجرم إرتكبوه .. و ليس المسؤول عن ذلك أخي هو مجتمع الزنوج الذي هو أفضل منا بقليل لكنه يعاني هو الآخر …فالعبيد فى المجتمع البيظاني يعانون الإستعباد التقليدي و الدونية أما فى المجتمع الزنجي فهم يعانون الدونية لا الإستعباد كما يعانيه يرك و سعيد و امباركه بنت أساتيم و عبيد أهل إكريفي و إماء منت بكارفال و أم الخير أمة فياه ولد المعيوف … الخ فأين هى أمثلة من هذا النوع لدى الزنوج ؟
ابراهيم بلال رمضان نائب
رئيس إيرا سجين رأي