في « إعلان إدانة جرائم دولة « إسرائيل » الصهيونية والإرهابية ضد الشعب الفلسطيني »، بتاريخ 4 نوفمبر 2023، طالبت المنظمات الأعضاء في التحالف الوطني من أجل القضية الفلسطينية والائتلاف السنغالي من أجل فلسطين وأطراف وشخصيات أخرى، بعد التذكير بسلسلة المجازر الطويلة، من دير ياسين إلى جنين مرورا بصبرا وشاتيلا، بـالوقف الفوري وغير المشروط، ودون أي قيد أو شرط، للمذبحة الرهيبة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني
وحيث أن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الأخرى متواطئة وشريكة في هذه المأساة، فإننا نحث المجتمع الدولي، بما في ذلك المنظمات الدولية والعالمية، على إدانة الاستعمار والفصل العنصري وإرهاب الدولة والإبادة الجماعية بشكل لا لبس فيه باعتبارها جرائم ضد الإنسانية، لا زالت مستمرة في عموم فلسطين وفي قطاع غزة بشكل خاص. والآن، وقد دخلت هذه المرحلة الجديدة من الحرب شهرها الرابع، وقد بلغ عدد الضحايا المدنيين الفلسطينيين ما يقرب من 25 ألف قتيل، غالبيتهم من النساء والأطفال والمسنين، فإن الشعوب الإفريقية، في جميع أنحاء القارة، وفي المهجر، قد انضموا إلى شعوب أخرى في جميع أنحاء العالم للتعبير عن غضبهم وسخطهم الجماعي وإدانة عمليات الإبادة الجماعية التي تتمادى في ارتكابها الحكومة الصهيونية في غزة وفي الضفة الغربية وفي جميع أنحاء فلسطين المحتلة
وفي مواجهة سلبية إن لم يكن تواطؤ المنتظم الدولي وعلى رأسه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، المسؤول الأول عن إنشاء دولة « إسرائيل » بمقتضى القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في نونبر من سنة 1947 والذي قسم فلسطين، فإن حكومة جنوب إفريقيا هي التي أنقذت شرف البلدان الإفريقية والمجتمع الدولي برمته
إن المبادرة التاريخية لجنوب إفريقيا والمتمثلة في تقديم شكوى ضد « إسرائيل » إلى محكمة العدل الدولية بسبب انتهاكها الصارخ والمستمر لاتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والمعززة بالأدلة والوقائع، تدعو المحكمة إلى اتخاذ تدابير مؤقتة عاجلة تهدف على وجه الخصوص إلى مطالبة دولة الفصل العنصري الصهيونية بـوضع حد فوري لعدوانها، والسماح بإمداد غزة بالطعام ووقف التهجير القسري والممنهج، وحماية حقوق الفلسطينيين من المزيد من الضرر الجسيم الذي لا يمكن إصلاحه
وتتمثل المفارقة المأساوية في كون ضحايا الإبادة الجماعية النازية في أوروبا خلال القرن العشرين، هم الذين صمموا اليوم على شن حرب طويلة لإبادة شعب آخر، في بداية هذه الألفية المحزنة من كل النواحي. وعلى العكس من ذلك، فمن المطمئن بالنسبة لمستقبل البشرية أن جنوب إفريقيا، الجديدة والديمقراطية، بعد تخلصها من العنصرية رسميًا منذ إلغاء الفصل العنصري سنة 1994، هي الدولة الأولى في العالم التي تجرأت على رفع دعوى قضائية ضد « إسرائيل ». وقد قدم هذا الطلب الهام إلى محكمة العدل الدولية، قبل أن يحظى بدعم عشرات الدول الأخرى بما في ذلك ناميبيا والبرازيل وفنزويلا وغيرها. وهي بلدان شهدت بالفعل العبودية والاستعمار والفصل العنصري والإبادة الجماعية على مدى القرون الماضية!
ولهذا السبب، من المهم للغاية، أن تكون إفريقيا ككل، القارة الشهيدة الوحيدة التي افتتحت واختتمت القرن العشرين بإبادة جماعية مزدوجة بدءا بعشرة ملايين قتيل في الكونغو تحت حكم « مالكها »، الملك البلجيكي ليوبولد 2، ومليون إلى مليوني من الهيريرو والناما في جنوب غرب إفريقيا تحت السيطرة الألمانية (ناميبيا الحالية)؛ وصولا إلى مليون قتيل من التوتسي في 90 يومًا في رواندا عام 1994 و5 إلى 6 ملايين حالة وفاة في جمهورية الكونغو الديمقراطية بما في ذلك عدد غير محدد من اللاجئين الهوتو، بين عامي 1994 و1997 مع سقوط جوزيف موبوتو. وبالمثل، ومن وجهة نظر رمزية، فمن الضروري أن تظل دولة السنغال، الرئيس الدائم « للجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف » منذ إنشائها في عام 1975، وفية لهذه المسؤولية الأخلاقية والتاريخية تجاه فلسطين وشعبها البطل والشهيد، من خلال الانضمام فورًا إلى طلب جنوب إفريقيا ثم من خلال قطع جميع العلاقات الدبلوماسية على الفور مع دولة « إسرائيل » الصهيونية، والعنصرية والثيوقراطية والتوسعية التي ترتكب جريمة الإبادة الجماعية
وأخيرا، فإن جميع المنظمات والحركات الإفريقية التقدمية والديمقراطية مدعوة إلى التعبئة والوحدة لتقديم دعم نشط وواسع ومتزايد للحملة العالمية للمقاومة الشعبية الفلسطينية لصالح المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات (BDS) ضد جميع الشركات التي تمولها أو تدعم نظام الفصل العنصري الصهيوني والتوسعي والإبادة الجماعية. يضاف إلى ذلك، حقيقة أخرى مهمة ومشجعة، وهي أن العديد من المحامين من جنسيات مختلفة قدموا أيضًا، في بداية شهر دجنبر، شكوى ضد « إسرائيل » أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وإبادة وجرائم ضد الإنسانية.
قال الرئيس نيلسون مانديلا عن حق: « إننا جميعا نعلم جيدا أن حريتنا لن تكتمل حتى تتحرر فلسطين ». لقد كان بلا شك يفكر في إفريقيا بشكل عام والفصل العنصري في جنوب إفريقيا بشكل خاص. في بداية القرن الحادي والعشرين، الذي يهدد بشكل خاص استمرار الحياة البشرية واستدامة النظام البيئي على كوكبنا، تنطبق هذه الحقيقة على جميع شعوب العالم
حرر في داكار، في 12 يناير 2024